تخطي للذهاب إلى المحتوى

هل تقبل أن تكون مسيحياً ؟

29 يونيو 2025 بواسطة
هل تقبل أن تكون مسيحياً ؟
ادور إيليا

عزيزي القارئ، هل أثار هذا العنوان انتباهك؟ وهل تظنها دعوة حقيقية بالفعل؟

ما زلت أدرس رسالة رومية، في العهد الجديد، محاولًا وجاهدًا أن ألتقط بعض الأفكار المثيرة للاهتمام فيها.

وربما تلاحظ أن كلماتي تميل كثيرًا إلى الجانب الفكري. فكلما تأملت في بعض الآيات الكتابية، أُدهش بالغنى الروحي والفكري الذي تحمله!

وللإجابة عن السؤال السابق، يجب أولاً أن يُميّز القارئ مَن هو يسوع المسيح، ويرغب بصدق أن يتبعه بقلبه.

عند الحديث عن المسيح كشخصية تاريخية عاشت بيننا منذ أكثر من ألفيّ عام تقريبًا، يحق لنا أن نتساءل:

"هل كان هناك شخص مثله؟" أنا هنا أتحدث عن صفاته، فأنا لست أهلاً للحديث عن شخصه كما ينبغي، وإنما أستند إلى معرفة بسيطة مستمدة من قراءات في الكتاب المقدس، وما أسمعه من بعض الوعّاظ.

إنه حقًا لا مثيل له!

توقفت قبل أيام عند الآية الواردة في (رومية ٨: ٢٩) 

"لأَنَّ الَّذِينَ سَبَقَ فَعَرَفَهُمْ سَبَقَ فَعَيَّنَهُمْ لِيَكُونُوا مُشَابِهِينَ صُورَةَ ابْنِهِ لِيَكُونَ هُوَ بِكْراً بَيْنَ إِخْوَةٍ كَثِيرِينَ".

 فكّرت، كيف أن الله يملأ السماء بملايين البشر يشبهون صورة المسيح؛ سيكون هناك مُسحاء كثيرون في السماء!

إن الله له ابن وحيد فريد، هو الرب يسوع المسيح، ابن الله - لا بالمعنى التناسلي أو الجسدي، بل بكونه أقنوم الكلمة، الذي يُظهر الله ويُعبّر عنه. فالله في ذاته (الآب) غير منظور، أما الله في المسيح (الابن) فهو مُعلن لنا. ابن الله يُعبّر عن كل ما في الله، وهذا لا يتعارض مع المنطق، إلا إذا أراد البعض أن يعزلوا الله عن الخليقة، ويجعلوه مجرد فكرة مجردة، لا إلهًا شخصيًا قريبًا.

المسيح، له المجد، متفرد في شخصه، وصفاته، وفكره، وعمله. إنه رب الحياة، ذاك الذي خرج من الناصرة في القرن الأول الميلادي.لقد كان نجارًا بسيطًا (من حيث إنسانيته)، لكنه حين بدأ خدمته، وضع هدفًا واستراتيجية ابتلعت وتفوقت على العالَمَين السياسي والديني في عصره.

بدأ مشروعه مع تلاميذ بسطاء، وبفضل تدريبهم وتلمذتهم، أصبح مشروعه (الكنيسة) مشروعًا عالميًا في سنوات قليلة! وسيكون في المستقبل مشروعًا كونيًا، بحسب ما جاء في (رؤيا ٢١: ٩-٢٧).

لم تغلبه روما آنذاك، ولا المؤسسة الدينية اليهودية الشكلية، ولن تغلبه أيضًا جحافل الظلمة الحالية بكل صورها الممتدة عبر القرون.

هذا تأمل بسيط في شخصه وطبيعة عمله في تجسده. والعجيب، أن الله يدعو المؤمنين ليكونوا مشابهين للمسيح!

أتساءل: "هل يدخل ضمن هذه المشابهة أن نشاركه في خططه وأعماله؟" ، أو على الأقل، أن نشارك في المهمة العظمى معه ولأجله، مُهمّة بناء الكنيسة (متى ١٦: ١٨).

لقد أشرتُ في مواضع سابقة، إلى أن دعوة مشابهة المسيح، مُقدّمَة للمؤمنين جماعيًا؛ فالمؤمنون مجتمعون يُشبهون المسيح، بل قد قيل عنهم صراحة أنهم "المسيح" (١ كورنثوس ١٢: ١٢).

ومع ذلك، يمكن لكل فرد منّا أن يتمسك بهذا الوعد، ويفهم طبيعة عمل الله في الأفراد والعالم والكون كله.

إن الله يرى المستقبل، ويعدّ الكون ليجعل المسيح رأسًا عليه، ويأتي بأبناء كثيرين إلى المجد معه.

قد تكون لدينا احتياجات شخصية متعددة، وقد نسعى وراء أهداف في حياتنا وخدمتنا، وهذا أمر جيد ومشروع. لكن الله رأى أن أول احتياج للإنسان هو أن يكون مشابهًا لابنه، وقد أعد المسيح السبيل لذلك من خلال موته وقيامته، وبناء الكنيسة المحلية.

ليتنا ننخرط جميعًا في هذه الدعوة، ونقبل (يوحنا ١: ١٢) أن نكون ضمن الذين يشاركون المسيح مجده،

حتى وإن كنا نتألم معه الآن، فإننا سنتمجد معه مستقبلًا.

ليتمجد اسمه القدوس في كنيسته إلى أبد الآبدين! (أفسس ٣: ٢١).

علامات التصنيف
الأرشيف